تختلف الحاجة اليومية من القدرة اللازمة للإنسان من شخص لآخر ومن وقت لآخر عند ذات الشخص. وهي تخضع في تقديرها للأمور التالية: 1- البنية الجسمية وعلاقة الطول بالوزن. 2- العمر مع مراعاة زيادة الراتب الغذائي في مراحل النمو عند الطفل والمراهق. 3- العمل والوظيفة. 4- الجنس: إن النساء أقل استهلاكا للقدرة من الرجال, ولكن تزيد حاجتهم للغذاء والقدرة في حالة الحمل والإرضاع. 5- حالة المريض الصحية وإصابته ببعض الأمراض التي تتأثر بأنواع معينة من الأغذية, كالداء السكري, وتصلب الشرايين, وارتفاع ضغط الدم, وقصور الكلية. يحتاج الإنسان العادي في حالة الراحة التامة ما يعادل (1800-2100) سعرة حرارية يوميا, يستهلكها من أجل القيام بالوظائف الحيوية كالتنفس, والهضم, وحركة القلب, واستقلابات الأعضاء المختلفة. ويضاف لهذه القدرة ما يلزم ويتوافق مع طبيعة العمل والجهد المبذول, وعدد ساعات العمل, فكلما ازدادت ساعات العمل ازدادت الحاجة إلى القدرة, فلا يجوز أن نقول عن عامل حداد يعمل 4 ساعات مثلا, أن ما يحتاجه يعادل ذات العامل عندما يعمل 10-12 ساعة. وقد تبين نتيجة للدراسات التي قام بها لفيف من الباحثين في مختلف أرجاء العالم أن الإنسان زائد الوزن والذي يميل إلى الراحة يحتاج 20 سعرة حرارية لكل كيلو غرام من الوزن يوميا. أما الإنسان ذو الوزن المثالي فيحتاج إلى 30 سعرة لكل كيلو غرام من الوزن يوميا, وكذلك فإن الإنسان ناقص الوزن يحتاج إلى 35 سعرة لكل كيلو غرام من الوزن تقريبا. أما عن مشاكل الإفراط في الطعام فيقول الدكتور جاستون دور فيل في كتابه (إطالة الحياة): الإفراط في الطعام جرح دام في جسم الإنسانية, وإني لأستطيع أن أؤكد بأنه يقتل يوميا أكثر مما يقتل السل والسرطان مجتمعين, وأنه غالبا سبب هذين الدائين. وقد قال المفكر الكبير تولوستوى وأصاب: أننا لنأكل ثلاثة اضفاف ما تطلبه أجسامنا فتصاب بأمراض لا عدد لها تقطع الحياة قبل بلوغها أقصى حدها. ويقول الفيلسوف سنيك: الحياة ليست بقصيرة ولكنا نقصرها بأيدينا. وقد كان الدكتور المشهور هيكيه يمزح قائلا لطهاة مرضى الأغنياء: أنا مدين لكم بالشرك أيها الأحباب على ما تؤدونه من الخدمة إلينا معاشر الأطباء. وكان الفيلسوف سنيك يقول: أنكم تشكون من كثرة الأمراض فاطردوا طهاتكم. وقد ذكر الدكتور كارتون في كتابه (الثلاثة الأغذية المميتة) المصارعين الذين تراهم ممتلئين عضلا ودما من كثرة ما يعنون بالأكل ثم قال: إن دولة قوة هؤلاء الأقوياء قصيرة الأمد, وأن قوتهم المفرطة هذه ليست إلا كنار القش لأنهم كالفلتات الطبيعية أو النباتات المدفوعة للإفراط في النمو المعرضة لأن تحترق في يوم من الأيام بحرارة السماء الشديد الذي هو سبب نموها غير الطبيعي. ويضيف الدكتور جاستون دورفيل بعد إيراد هذه الآراء قائلا: جميع المفرطين في الأكل ليسوا ممتلئين شحما فمنهم من يكونون على العكس نحاف الأجسام, ويستوى القسمان في الهلاك بسرعة, وإن جهل كل منهما ما يؤديه إليه سم الأغذية من سوء المصير. فنرى الناس يحسدون الأولين (السمان) ويرحمون الأخيرين (النحاف) فيظنون أن بهم ضعفا أو فقرا دمويا, ويزيد الأطباء حالتهم سوءا بأعطائهم المنبهات والمقويات, فيا حسرة على هؤلاء الضعاف الذين يصف لهم الأطباء اللحوم النيئة المهلكة وزيت كبد الحوت الذي لا تستطيع أن تهضمه أقوى الأمعاء. فكم من الزمن يجب علينا أن نقضيه في الصباح ليعلم الناس أن الرجل الضعيف لا يفقد دمه كراته الحمراء إلا لأن سم الأغذية يبيدها ويبددها. فإعطاؤه اللحم يزيد في تسممه الذي هو سبب هلاكه ويقربه من حفر القبر. واسمع ماذا يقول النبي وأهل بيته الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم عن الإفراط في تناول الأطعمة: عن موسى بن جعفر, عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأكل على الشبع يورث البرص. وعن عمرو بن إبراهيم قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: لو أن الناس قصدوا في المطعم لا ستقامت أبدانهم. وعن الأصبغ بن نباتة, قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) للحسن (عليه السلام): ألا أعلمك أربع خصال, تستغني عن الطب؟ قال: بلى, قال: لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع, ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه, وجود المضغ, وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء, فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب. |